لقاء قد يغير مجرى التاريخ
تشهد الساحة الدولية حدثاً دبلوماسياً استثنائياً قد يكون الأهم منذ انتهاء الحرب الباردة، حيث يلتقي الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين الجمعة في ألاسكا سعيا لوضع حد للحرب الروسية على أوكرانيا المستمرة منذ فبراير/شباط 2022. هذه القمة الثلاثية المتوقعة في أنكريدج تحمل في طياتها آمالاً كبيرة لإنهاء واحد من أكثر النزاعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
الاستعدادات المكثفة للقمة التاريخية
موقع القمة: لماذا ألاسكا؟
اختيار ألاسكا كموقع للقمة لم يأت عبثاً، فهذه الولاية الأمريكية تحمل رمزية جيوسياسية خاصة كونها تقع بين القارتين الأمريكية والآسيوية، وتُعتبر نقطة التقاء طبيعية بين القوى العظمى. كما أن أنكريدج تتمتع بتاريخ عريق في استضافة اللقاءات الدبلوماسية الهامة، مما يجعلها المكان المثالي لهذا الحدث التاريخي.
التحضيرات الدبلوماسية المكثفة
شهدت الأسابيع الماضية سلسلة من الاتصالات والاجتماعات التحضيرية. تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيون في اجتماع عبر الإنترنت، اليوم الأربعاء، إلى نظيرهم الأميركي دونالد ترامب قبل قمته مع بوتين، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا اللقاء على الصعيد العالمي.
موقف الأطراف الثلاثة قبل القمة
الموقف الأمريكي: ترامب وسياسة الصفقة الكبرى
يدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه القمة بثقة كبيرة، مسلحاً بوعوده الانتخابية بإنهاء الحرب الأوكرانية خلال 24 ساعة. أثارت الأنباء المفاجئة الأسبوع الماضي عن قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تساؤلات حول الجهود الأمريكية الجارية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
إدارة ترامب تسعى لتحقيق صفقة شاملة تضمن وقف إطلاق النار وتأمين مصالح جميع الأطراف، مع التركيز على الحلول العملية بدلاً من المواقف الأيديولوجية المتشددة.
الموقف الروسي: بوتين والبحث عن مخرج شريف
من جانبه، يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعداً للتفاوض من موقع قوة، خاصة بعد المكاسب الإقليمية التي حققتها القوات الروسية على الأرض. موسكو تطمح لتثبيت السيطرة على الأراضي التي احتلتها، مع ضمانات أمنية طويلة المدى تمنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.
الموقف الأوكراني: زيلينسكي بين المقاومة والواقعية
استبق الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين المرتقبة في آلاسكا بتصريحات أكد فيها عدم استعداد بلاده التنازل عن أي أراض في إطار التسوية. هذا الموقف الصلب يعكس التحدي الكبير الذي تواجهه المفاوضات.
زيلينسكي حذر أيضاً من خداع بوتين، حيث قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، إنه يأمل أن تركز المحادثات المقررة هذا الأسبوع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وقف إطلاق النار، مؤكداً أنه حذّر ترامب من أن بوتين "يخادع" بشأن رغبته في إنهاء الحرب.
التحديات الرئيسية أمام القمة
مسألة الأراضي المحتلة
تُعتبر مسألة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا من أكبر العقد في المفاوضات. فبينما تطالب موسكو بالاعتراف بسيادتها على هذه المناطق، تصر كييف على استردادها كاملة. هذا التضارب في المواقف يجعل التوصل لحل وسط أمراً في غاية الصعوبة.
ضمانات الأمن المستقبلية
تسعى أوكرانيا للحصول على ضمانات أمنية قوية تحميها من أي عدوان مستقبلي، بينما تطالب روسيا بتعهدات بعدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو أو أي تحالفات عسكرية غربية أخرى.
إعادة الإعمار والتعويضات
مسألة إعادة إعمار المناطق المدمرة ودفع التعويضات تشكل تحدياً اقتصادياً كبيراً، حيث تقدر تكلفة إعادة الإعمار بمئات المليارات من الدولارات.
السيناريوهات المحتملة للقمة
السيناريو الأول: التوصل لوقف إطلاق نار فوري
هذا السيناريو الأكثر تفاؤلاً يتضمن الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار وتجميد الوضع الحالي مؤقتاً، مع ترك المسائل الشائكة لمراحل تفاوضية لاحقة.
السيناريو الثاني: اتفاق جزئي محدود
قد تنتهي القمة بتفاهمات جزئية حول مسائل محددة مثل تبادل الأسرى أو إنشاء ممرات إنسانية، دون التطرق للقضايا الجوهرية.
السيناريو الثالث: فشل المفاوضات
رغم التفاؤل الحذر، فإن احتمال فشل المفاوضات وارد، خاصة في ظل التباين الكبير في مواقف الأطراف.
التداعيات الإقليمية والعالمية
تأثيرات على الاتحاد الأوروبي
نجاح أو فشل هذه القمة سيكون له تأثير مباشر على استقرار الاتحاد الأوروبي واقتصاده، خاصة فيما يتعلق بأمن الطاقة واللاجئين.
التوازنات في الشرق الأوسط
أي تطور في العلاقات الأمريكية-الروسية سيؤثر حتماً على التوازنات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في سوريا والعراق.
مستقبل النظام الدولي
هذه القمة قد تُعيد تشكيل ملامح النظام الدولي للعقود القادمة، وتحدد طبيعة العلاقة بين القوى العظمى.
التوقعات والآمال
رغم التحديات الجسام، تحمل هذه القمة آمالاً كبيرة لملايين البشر الذين يتطلعون لإنهاء المعاناة. النجاح في تحقيق اختراق دبلوماسي سيكون بمثابة انتصار للدبلوماسية على العنف، وخطوة مهمة نحو استقرار أوروبا والعالم.
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن عقد قمة ألاسكا بين بوتين و ترامب هو انتصار شخصي للرئيس الروسي، مما يعكس مدى حساسية هذا اللقاء وأهميته الاستراتيجية.